بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** جبل الكريستال ** جبل الكريستال يعد من أروع وأبدع واجمل المناطق الطبيعية التي تقع في نطاق واحة الفرافرة التي تقع علي بعد 170 كيلو مترا جنوب الواحات البحرية وعلي بعد حوالي 360 كيلو مترا جنوب غرب مرسي مطروح وتبعد عن القاهرة حوالي 627 كيلو مترا بمحافظة الوادى الجديد في مصر وقد ذاعت شهرتها في العالم ووضعت تحت الأضواء سياحيا وعلميا بسبب موقعها وتاريخها وىثارها ومعالمها الفريدة النادرة ونوعية صخورها وأشكالها وجوها المشمس الدافئ ومن ضمن تلك المعالم الفريدة النادرة منطقة جبل الكريستال التي تقع علي بعد حول 120 كيلو متر منها ضمن نطاق محمية الصحراء البيضاء التى تعكس سحر الطبيعة فى قلب الصحراء ويعتبر هذا الجبل من أندر الجبال في العالم وكذلك من أغنى الجبال فى مصر بقطع الكريستال الملونة والنادرة جدا والتى رسمتها الطبيعة وقد فرضت الدولة الحماية على هذا الجبل منذ عام 2007م تقريبا إلا أن هذا الإجراء قد جاء متأخرا جدا حيث كان قد تم تدمير جزء كبير من هذا الكنز ونهبه ليفقد الكثير من جماله وروعته حيث لم يسلم جسم الجبل من عمليات التدمير بهدف الحصول على قطعه الرائعة فقد كان معظم السائحين يصرون على الذهاب إلى منطقة هذا الجبل وذلك لجمع تلك القطع التى تأخذ شكل بلورات رائعة من خام الكالسيت وظن أدلاء الصحراء المحليين من ابناء المنطقة أن السائحين يجمعونها بسبب هواية جمع الحجارة الملونة ومر وقت طويل حتي إكتشفوا أن عددا كبيرا من السائحين لم يأتوا إلى هذه المناطق بهدف السياحة والسفارى فحسب وإنما لجمع هذه الأنواع من الحجارة التى تبين أنها من أغلى أنواع الحجارة فى العالم وبالإضافة إلي ذلك فإن محافظة الوادي الجديد كانت قد حاولت بيع أجزاء من هذه المنطقة لمستثمرين إيطاليين بحجة تشجيع الإستثمار السياحي بالمنطقة بعمل منشآت سياحية في تلك المنطقة طبيعية التي يعود عمرها إلي ملايين السنين مع شق طريق أسفلتي في وسطها وهو المشروع الذي إنتقدته وحاربته كل المنظمات البيئية العالمية ومعهم مستشار وزير السياحة للشؤون البيئية مما أدى في النهاية ولله الحمد إلي صدور قرار بوقف المشروع نهائيا وبذلك نجت المنطقة من كارثة رهيبة كادت أن تعصف بما هو متبقي من كنوزها الثمينة التي لاتقدر بثمن . وتعتبر منطقة جبل الكريستال منتجعا سياحيا يتمتع بجمال لا يعادله جمال ومناظر فريدة نادرة لا مثيل لها في أى بقعة في العالم حيث تشمل جبل كامل من خام الكريستال يلمع مع أشعة الشمس كالماس فتشعر كأنك فى مدينة من الجنة بطبيعة خلابة ساحرة وتشير دلالات قديمة إلى أن نيزكا ضخما هبط من السماء وإرتطم بالأرض منذ ملايين السنين فى تلك المنطقة مما أدى الى إنصهار مادة السليكا التي تدخل في تكوين الصخور بالمنطقة والتي كانت قد تكونت بفعل عوامل جيولوجية عبر الحقب الزمنية السابقة ثم تصلبت هذه المادة بعد أن تعرضت الى عوامل جوية أفقدتها درجة حرارة الإنصهار ويشمل جبل الكريستال أكثر من 125 نوع من أنواع الكريستال المختلفة متجمعة فى كتله جبلية ضخمة والتي من الممكن يتم إستغلال صخورها في العديد من الصناعات الهامة وهو ما لا يتوفر في أي مكان آخر بالعالم ويبلغ إرتفاع جبل الكريستال في الفرافرة حوالي 10 أمتار ويتكون أساسا من صخور الكوارتز الشفاف الذي يشبه الكريستال والزجاج وقد كان لهذا الجبل حتى وقت قريب كهفان تتدلى من سقفهما صخور الكوارتز الشفاف ولكن للأسف تهدم الكهفان منذ بضع سنوات بسبب عوامل التعرية وكثافة الرحلات السياحية للمنطقة . وواحة الفرافرة التي يوجد بها هذا الجبل تعتبر الواحة الأكثر عزلة من واحات الوادي الجديد وتشتهر بتقاليدها وعاداتها القوية المتوارثة بين سكانها منذ قديم الزمان ويقع الجزء الأقدم منها علي سفح تل بجانب بساتين نخيل وتوجد علي مسافة قريبة منها ينابيع الكبريت الحارة وبحيرة المفيد كما يحيط بالواحة عدد من العيون الطبيعية وكثير من أشجار النخيل والزيتون كما يوجد بالواحة بئر تسمي بئر ستة علي بعد ستة كيلومترات إلي الغرب منها وتوجد بها الصحراء البيضاء ذات الشهرة العالمية التي يقصدها السائحون من جميع أنحاء العالم والتي أصبحت محمية طبيعية في عام 2002م والتي تشتهر بأرضها الطباشيرية وأنه قد شكلت الرياح بها الكثير من الأنماط الصخرية علي هيئة فطر عش الغراب المعروف بإسم المشروم وأخري علي هيئة أعمدة حجرية بيضاء أو حوائط طباشيرية أو مخروطية الشكل ويرجع تاريخ واحة الفرافرة إلي العصر الفرعوني فقد ورد ذكرها في عدد من الوثائق المصرية القديمة خاصة خلال فترة حكم الأسرة العاشرة الفرعونية في القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد وكانت تسمي تا أحت أي أرض البقرة وأطلق عليها المصريون القدماء هذا اللقب لكثرة المراعي والأبقار بها وفي العصور الرومانية كانت الفرافرة والواحات الداخلة والواحات البحرية هي أرض الحبوب للإمبراطورية الرومانية وسميت أرض الغلال وتوجد في وسط الفرافرة بقايا قصر يسمي قصر الفرافرة مشيد بالطوب اللبن وقصر أبو منقار وهي آثار بقايا أبنية ترجع إلي العصر الروماني كما يوجد بضع مقابر أخري صخرية خالية من النقوش وبقايا معبد روماني عند منطقة تدعي عين بس وفي العصر المسيحي الأول كانت الفرافرة ملاذا للمصريين المسيحيين الذين إضطهدهم الرومان وفر كثير من المسيحيين إلي الفرافرة وتركوا بصماتهم واضحة في مناطق القس أبوسعيد وعين أبشواي ووادي حنس وكلها أسماء مسيحية مصرية وخلال فترات كثيرة من التاريخ القديم بعد الفتح الإسلامي لمصر إزدهرت تجارة البلح والزيتون بين الفرافرة ووادي النيل فكانت قوافل الجمال تحمل منتجات الواحة إلي مدينة ديروط علي النيل والتابعة لمحافظة اسيوط حاليا وترجع بالأقمشة والشاي وكل ما تنتجه أرض وادي النيل إلي الفرافرة وقد خبت الفرافرة وقلت أهميتها بعض الوقت إلي أن جاء عصر الخديوي إسماعيل مابين عام 1863م وحتي عام 1879م فقام بتحويل رحلة العالم والمستكشف الألماني الشهير جيرهارد رولفز الذى جاء إلي مصر عام 1874م لمعرفة ما إذا كان هناك حقيقة نهر بلا ماء في المنطقة أم لا وحاول رولفز إختراق بحر الرمال الأعضم والذي يقع إلي الغرب من الفرافرة وبعرض 300 كم إلي واحة الكفرة بليبيا فلم يتمكن ومن ثم إتجه شمالا بقافلة مكونة من عدد 100 جمل وعدد 90 رجلا منهم 12 عالم ألماني متخصصين في مختلف فروع العلم منها الجيولوجيا والنبات والحيوان والآثار والفلك والمساحة إلي منطقة الجارة القريبة من واحة الفرافرة والتي إكتشف بها كهف الجارة والذى سنتحدث عنه بالتفصيل في الفصل القادم بمشيئة الله تعالي وقد قام هذا العالم بعد قيامه بهذه الرحلة بتسجيل ماشاهده في رحلته تلك ونشره في كتابه الشهير ثلاثة أشهر في الصحراء الغربية . وقد إكتسبت واحة الفرافرة شهرة سياحية عالمية مؤخراً حتي أصبحت تنافس مدينة الأقصر في شهرتها السياحية حيث يقصدها مجموعات عديدة من السياح حيث أصبحت الفرافرة حاليا مزارا لكثير من رحلات السفاري وعشاق الطبيعة والعلوم لوجود محمية الصحراء البيضاء علي مقرية منها كما أنه إلي الشمال منها في الطريق المؤدى إلي الواحات البحرية وعلي بعد 80 كيلو مترا منها توجد بللورات الكالسيت البيضاء ومن ثم أصبحت المنطقة متعة للسائحين يقفون فيها أياما طويلة يتمتعون بجوها الخلاب والهدوء ومناظرها العظيمة فهي تبدو من بعيد كأنها مدينة سكنية وعندما تقترب منها تظنها جبالا ثلجية لنصاعة بياضها وإذا وقفت أمام صخورها تظنها تماثيل صنعها فنان ماهر .